الشارقة تجمع الآف الناشرين والمثقفين وملايين الإصدارات المعرفية لترسخ مكانتها عاصمة للكتاب بالعالم

الشارقة: أحمد هاشم (وكالة الأنباء الألمانية) د.ب.أ


تواصل إمارة الشارقة بالإمارات تعزيز حضورها الثقافي العالمي من خلال الدورة الـ44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، التي تقام هذا العام تحت شعار "بينك وبين الكتاب"، بمشاركة كبيرة من دور نشر ومؤلفين وكتّاب من مختلف أنحاء العالم، لتؤكد الإمارة من جديد مكانتها عاصمة للكتاب ومركزا ثقافيا رائدا في العالم العربي، وتؤكد أيضا حافظها على مكانة المعرض كأكبر معرض للكتاب في العالم من حيث عدد دور النشر المشاركة.  

 منذ انطلاقته الأولى عام 1982، تطور المعرض من حدث ثقافي محلي إلى تظاهرة عالمية تحتفي بالكتاب والقراءة والفكر الإنساني، حيث بات اليوم منصة جامعة للحوار الثقافي، ومنبرا لصناعة النشر والتأليف والترجمة، ومقصدا للمبدعين والناشرين من أكثر من 100 دولة.  

 وبهذا التحول الكبير، أصبحت الشارقة نموذجا يحتذى في الاستثمار في المعرفة كقوة ناعمة وأداة للتنمية المستدامة وبناء الإنسان.   وافتتح الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للإمارات حاكم الشارقة فعاليات الدورة الـ44 من المعرض، يوم الأربعاء الماضي، التي تشهد حضورا دوليا كبيرا من الكتاب والمثقفين يقدر عددهم بنحو 250 مبدعا من قارات العالم، يقدمون أكثر من 1200 فعالية ثقافية وإبداعية وفنية، ويجمع الحدث أكثر من 2350 دار نشر، منها 1224 دار نشر عربية و1126 دار نشر أجنبية، تقدم ملايين الكتب والمؤلفات بمختلف لغات العالم.   ويحتفي المعرض هذا العام باليونان ضيف شرف دورته الحالية، تكريما لواحدة من أعرق الثقافات على مستوى العالم ولمساهمتها في إثراء الحضارة العالمية.

   ويستضيف الحدث 58 ناشرا ومؤسسة ثقافية يونانية تعرض 600 عنوان باللغة اليونانية ولغات أخرى، إلى جانب أكثر من 70 شخصية يونانية من أبرز الأدباء والشعراء والمترجمين والرسامين والأكاديميين، والموسيقيين وأمناء المكتبات. وتشارك اليونان في المعرض بجناح وطني، يستضيف معرضا بعنوان "الأدب اليوناني: الرحلة الطويلة"، ويضيء على مساهمة الكتّاب والشعراء والمفكرين والفلاسفة اليونانيين في تشكيل الهوية الوطنية لليونان، وتأثيرهم على المشهد الثقافي والأدبي العالمي.    كما تقدم اليونان خلال مشاركتها عرضا مسرحيا متجولا، وأداء موسيقيا مسرحيا مستمدا من الشعر اليوناني، وباقة من ورش العمل التفاعلية، وجلسات مشتركة بين كتّاب وناشرين ومترجمين يونانيين وإماراتيين.  

 واحتفى المعرض بالكاتب والمسرحي المصري محمد سلماوي "شخصية العام الثقافية"، تقديرا لمسيرته الأدبية الممتدة لأكثر من خمسة عقود، وإسهاماته المتميزة في المسرح والرواية والعمل الثقافي العربي.   ويستضيف المعرض النجم العالمي ويل سميث، حيث يلتقي جمهوره في جلسة حوارية، ليتحدث عن مسيرته الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود في مجالات الكتابة والسينما والموسيقى وريادة الأعمال.   

واستضاف الفنانين المصري خالد الصاوي والتونسي ظافر العابدين والإماراتي أحمد الجسمي ليتحدثوا أمام جمهور المعرض حول أسرار الرحلة بين الأداء والكتابة، في جلسة حوارية بعنوان "من التمثيل إلى التأليف... الفنانون يرون الحكاية". 

  كما يستضيف المعرض نخبة من الكتاب والمتحدثين العرب، من أصحاب الإنجازات الأدبية البارزة، منهم الدكتور سلطان العميمي، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المصري، وأستاذ التاريخ الدكتور حمد بن صراي، وعالم المصريات الدكتور وسيم السيسي، والكاتب والأديب الكويتي طالب الرفاعي، والروائي الكويتي عبد الوهاب الرفاعي.   ويشارك في الدورة الـ44 من المعرض الكاتبة الهندية بانو مشتاق، والكاتبة النيجيرية تشيماماندا نغوزي أديتشي، وعالمة النفس البريطانية الدكتورة جولي سميث.  

 ويستضيف المعرض الدورة الرابعة من "مهرجان الإثارة والتشويق"، بالتعاون مع "مهرجان الإثارة والتشويق في نيويورك"، وبمشاركة 13 كاتبا وخبيرا إقليميا ودوليا من كتّاب الجريمة والغموض والتشويق النفسي، من أمريكا الشمالية وجنوب آسيا وأوروبا وإفريقيا.   ويستضيف البرنامج الثقافي للمعرض متحدثين من 10 دول تشارك للمرة الأولى، وهي أيسلندا، جاميكا، نيجيريا، مالي، تشاد، أنجولا، موزمبيق، غينيا، السنغال، وفيتنام.   

وينظم المعرض 750 ورشة عمل، تستهدف توسيع آفاق الملكات الإبداعية للجمهور من جميع الأعمار والجنسيات، وتثقيفهم وتعزيز تطورهم المهني، موفرا للمشاركين الاستفادة من مهارات أفضل الخبراء والمختصين على مستوى العالم، في مجالات الترجمة والكتابة الإبداعية والتأليف السينمائي والتلفزيوني وصناعة النشر وغيرها من الفنون الإبداعية والمعرفية.    وينظم المعرض "مقهى الشعر" الذي يقدم أمسيات شعرية بـ8 لغات، منها العربية، اليونانية، الإنجليزية، الروسية، الأردية، وتجمع الأمسيات نخبة من الشعراء العرب والأجانب، منهم الشاعر سعيد آل مانع من السعودية، الشاعر حمد البريدي من قطر، والشاعرة والمترجمة داناي سيوزيو من اليونان، الشاعرة الكندية سارة علي، والدكتور زبير فاروق، أول شاعر إماراتي يكتب باللغة الأردية.  

  ومن روسيا، يستضيف مقهى الشعر الشاعرين مكسيم زامشيف وميخايل ليفانتوفسكي، ومن باكستان الشعراء عطاء الحق قاسمي باللغة الاردية والدكتور طاهر شهير باللغة الاردية والهندية وسيد سليمان جيلاني باللغة البنجابية، ومن الهند الشاعر سيد إعجاز الدين شاه باللغتين الأردية والهندية والشاعر والممثل رحمان خان باللغات باللغات الهندية والإنجليزية والأردية، إلى جانب الشاعر سورندر شارما باللغة الأردية، وك. ساتشيداناندان باللغتين المالايالامية والإنجليزية، ومن الفلبين الشاعرة لونا سيكات كليتو باللغة التاجالوجية.   ويتجول زوار المعرض بين ملايين العناوين من الكتب الورقية والرقمية في مختلف المجالات الفكرية والعلمية والأدبية والمعرفية. 

  ويقول أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب إن شعار المعرض "بينك وبين الكتاب" يحمل رسالة إنسانية عميقة، تعكس العلاقة الأزلية بين الإنسان والكتاب، وتعيد التذكير بقيمة القراءة كوسيلة للارتقاء بالوعي الفردي والجماعي.   وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): الكتاب ليس مجرد ورق أو نص، بل هو تجربة حياة، ونحن في الشارقة نعمل على أن يعيش القارئ هذه التجربة بكل تفاصيلها، من خلال بيئة ثقافية تحفزه على التفاعل والتفكير والإبداع.  

 وتابع: من أبرز ما يميز هذه الدورة تنظيم "مؤتمر الناشرين الدولي" الذي شهد مشاركة العشرات من كبار الناشرين العالميين، إلى جانب "قمة المكتبات الدولية" التي تجمع خبراء من أكبر المؤسسات الأكاديمية والمكتبية في العالم لمناقشة مستقبل القراءة والكتاب في ظل التحول الرقمي. 

  وأكد العامري أن البرامج والفعاليات التي ينظمها المعرض تجسد رسالة الشارقة في الاستثمار بالإنسان، قائلا: "الجيل الناشئ هو استثمارنا الحقيقي، ونحن نؤمن بأن القراء الصغار هم قادة المستقبل ومبدعو الغد، ولذلك فإن مسؤوليتنا لا تنتهي بانتهاء أيام المعرض، بل تمتد على مدار العام من خلال مبادرات وأنشطة مستدامة تشجع على القراءة والإبداع".   

وتابع: يشكل معرض الشارقة الدولي للكتاب رافدا مهما للاقتصاد الثقافي في دولة الإمارات، إذ يسهم في تحفيز قطاع النشر المحلي والعربي، ويدعم الصناعات الإبداعية المرتبطة به مثل الطباعة والتصميم والترجمة والإنتاج الإعلامي. 

  ويضيف: أصبح المعرض منصة لتوقيع عقود الترجمة وحقوق النشر بين دور النشر العربية والعالمية، ما يعزز مكانة الإمارة مركزا إقليميا ودوليا لصناعة الكتاب.  

 ويختتم العامري بالقول: يواصل المعرض خلال دورته الحالية جذب مئات الالاف من الزوار، من مختلف الفئات العمرية والثقافات، ليصبح أحد أكبر الفعاليات الثقافية الجماهيرية في المنطقة والعالم، ويؤكد هذا الإقبال الكبير نجاح رؤية الشارقة في جعل الثقافة أسلوب حياة، وليس نشاطا موسميا، وترسيخ حضورها كحاضنة للمعرفة ومصدرا للإلهام.  

 وترى خولة المجيني المنسق العام للمعرض أن المعرض في كل دورة يجسد رؤية الإمارة المتمثلة في جعل الثقافة والكتاب أساسا لنهضة المجتمع وبناء الإنسان، وترسيخ مكانة الشارقة كمركز عالمي للفكر والمعرفة.  

 وأضافت لـ(الألمانية): بفضل هذه الرؤية، أصبحت الإمارة اليوم عنوانا للحراك الثقافي العربي، ووجهة للناشرين والمفكرين من كل القارات. 

  ويقول الكاتب المصري محمد مندور: يمثل المعرض وجهة مفضلة للكتاب والأدباء العرب والعالميين، حيث يلتقون بجمهورهم في أمسيات توقيع الكتب والحوارات الأدبية المفتوحة، 

كما يتيح الحدث للزوار فرصة التعرف على أحدث الإصدارات العالمية في الأدب والفكر والعلوم والفنون، إلى جانب التعرف على ثقافات الشعوب المختلفة من خلال أجنحة الدول المشاركة. 

  وأضاف لـ(د.ب.أ): يثبت معرض الشارقة الدولي للكتاب من خلال الزخم الثقافي الكبير في هذه الدورة أنه أكثر من مجرد معرض، بل هو احتفاء عالمي بالمعرفة والقراءة، كما يثبت أن الشارقة أصبحت عاصمة دائمة للكتاب في الوطن العربي والعالم.