دول "الرباعية" تواصل تحركاتها لإنقاذ 25 مليون سوداني

  دبي. وكالات
تواصل "الرباعية" التي تضم الإمارات والسعودية ومصر والولايات المتحدة الأمريكية تحركاتها لإنهاء الصراع الدامي في السودان وإنقاذ ملايين المدنين من خطر القتل والتشرد، عبر مسار الحلول السياسية. ويشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعاً مسلحاً بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد ملايين المدنيين داخل البلاد وخارجها. 

وتحول النزاع إلى واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث حيث يواجه نصف سكان السودان (25 مليون شخص) انعداما حادا في الأمن الغذائي، بينما لا تصل المساعدات إلا إلى 4 ملايين شهريا، وفقاً لتقارير منظمة الأمم المتحدة. كما تسبب القتال في انهيار البنية التحتية، وتعطيل الخدمات الأساسية، وتفاقم أزمة الغذاء والدواء، ما استدعى تحركاً دولياً عاجلاً لإيقاف الحرب وإطلاق عملية سياسية شاملة.

في هذا السياق، برزت "الرباعية"، وهي آلية تعاون تضم الدول الأربع، كإطار دبلوماسي جديد هدفه توحيد الجهود لإنهاء النزاع وتهيئة الظروف لاستعادة الحكم المدني في السودان واعادة استقراره.وفي شهر سبتمبر الماضي، أعلنت دول الرباعية عن "خارطة طريق" شاملة تهدف إلى إنهاء الحرب وبدء عملية انتقال سياسي تدريجي يقود إلى حكومة مدنية. 

وشملت المبادرة الدعوة إلى وقف إنساني لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر لتمكين وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة، يعقبه وقف دائم وشامل للقتال، ثم بدء مرحلة انتقالية مدنية مدتها تسعة أشهر، تنتهي بانتخابات حرة تعيد للسودان استقراره ووحدته الوطنية.وأكدت "الرباعية" على ضرورة الالتزام بسيادة السودان ووحدة أراضيه، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية، مشددة على أن الحل العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والمعاناة. 

كما شددت على أهمية دور الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والمنظمات الإنسانية في دعم تنفيذ هذه الخطة وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.

ونص بيان لـ"الرباعية" على أنه لا يوجد حل عسكري مجد للصراع، واستمرار الوضع الراهن يسبب معاناة غير مقبولة ومخاطر على السلم والأمن، مؤكدا أن مستقبل حكم السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية، ولا يخضع لسيطرة أي طرف متحارب.

كما نص على أن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع في السودان يؤدي إلى زيادة حدة النزاع وإطالة أمده والإسهام في عدم الاستقرار الإقليمي، وإنهاء الدعم العسكري الخارجي هو ضرورة لإنهاء النزاع، ما يدعو إلى "التصدي للتهديدات الأمنية العابرة للحدود من المنظمات الإرهابية والمتطرفة، والظروف التي تسمح لها بالانتشار، وعدم منح المجال للأطراف الإقليمية والمحلية المزعزعة للاستقرار الساعية للاستفادة من استمرار النزاع في السودان".

وتشارك الإمارات في "الرباعية" بدور مؤثر وأساسي في إطار التزامها الثابت بالسلام والأمن الإقليميين، وحرصها على حفظ ودعم استقرار الدول العربية وتعزيز العمل الجماعي الدولي لمواجهة الأزمات الإنسانية والسياسية.

وأكدت دولة الإمارات، في بيان أصدرته وزارة الخارجية قبل أيام، على دعمها الكامل للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى فرض هدنة إنسانية فورية ووقف شامل لإطلاق النار في السودان، بما يتيح وصول المساعدات إلى المتضررين ويضع حدّاً لمعاناة المدنيين المستمرة منذ اندلاع الحرب الأهلية.وشددت على أنها تتعامل مع جميع المكونات السودانية على قدم المساواة، وتسعى فقط إلى تحقيق السلام والاستقرار، دون أي أجندات خفية أو مصالح ضيقة.

ويرى خالد علي خبير الشؤون السودانية أن دول "الرباعية" تمتلك أدوات دبلوماسية واقتصادية وإنسانية تؤهلها للعب دور محوري في إعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة بالسودان.

ويضيف: رغم التفاؤل الذي رافق إطلاق بيان الرباعية، يدرك المراقبون أن الطريق إلى السلام في السودان ما زال طويلاً وشائكاً، وأن نجاح جهودها يعتمد على التزام الأطراف السودانية أولاً، ودعم المجتمع الدولي ثانياً، فغياب الإرادة السياسية أو استمرار التدخلات الخارجية قد يعطل تنفيذ خارطة الطريق، ويعيد البلاد إلى مربع الفوضى.

وتقول الصحافية المتابعة للشأن السوداني مروة فاضل: مع تواصل الجهود المشتركة بين أبوظبي والرياض والقاهرة وواشنطن، نأمل أن تمثل خارطة الطريق التي أعلنتها "الرباعية" بداية حقيقية لإنهاء واحدة من أعقد الأزمات في إفريقيا.وتابعت: تسعى دول "الرباعية" إلى أن يكون لها دور محوري في تحويل مسار الحرب إلى مسار سلام دائم يعيد إلى السودان استقراره ومكانته، ويمنح شعبه الأمل في مستقبل آمن.